القس بولس حليم: نخضع لقانون «من أين لك هذا؟» ونراجع إقرارات الذمة المالية.. وأموال أقباط المهجر «مش زى زمان»



القس بولس حليم: نخضع لقانون «من أين لك هذا؟» ونراجع إقرارات الذمة المالية.. وأموال أقباط المهجر «مش زى زمان»
القس بولس حليم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية



المتحدث باسم الكنيسة يرد على الملف الصادم لـ«الوطن»: من يتهموننا بالفساد المالى يعدون على الأصابع

بوجه بَشُوش استقبلَنا، وبابتسامة لم تفارق شفتيه كان حوارنا معه عن «المال والكهنوت»، إنه القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذى استطاع خلال وقت قليل ورغم المعوقات التى تواجه عمله، أن ينقل الكنيسة من دوائر الغرف المغلقة إلى فضاء الإعلام. «الوطن» زارته محمَّلة بأسئلة عن الكنيسة وإدارتها وشئونها المالية، وما أثاره الملف الذى نشر فى عدد أمس عن «أ موال الكنيسة»، فأكد أنه لا أحد فى الكنيسة فوق المحاسبة، وأن كهنة الكنيسة يطبَّق عليهم قانون «من أين لك هذا؟»، ورجال الأعمال لا يتدخلون فى إدارة الكنيسة.
وأوضح «حليم» أن وضع الكنيسة المالى يتأثر باقتصاد الدولة، كاشفاً عن أن خطة الكنيسة تهدف إلى أن يخلو عام 2016 من أى محتاج بين الأقباط.. وإلى نص الحوار:
■ البابا أولى تنظيم الكنيسة أهمية خاصة خلال سنواته الأولى بعد جلوسه على الكرسى البابوى، ولكن البعض يرى أن لوائح تنظيم الكنيسة تلك حبر على ورق؟
- المفروض أن تلك اللوائح تنفَّذ مرحلياً. فى البداية اتفقنا على تنفيذها على الإيبارشيات والكنائس التى يخدمها البابا بطريقة مباشرة، مثل القاهرة والإسكندرية، وقد تم تطبيقها، مثل لائحة الكهنة ومجالس الكنائس، ولكن فى الإيبارشيات الأخرى عملية التطبيق إرشادية، ويُفترض أن المجمع المقدس سيناقش فى اجتماعه المقبل فى عيد العنصرة مردود تطبيق تلك اللوائح من أجل تعديلها أو قبولها وتطبيقها إلزامياً فى الكنيسة كلها. 
الكهنة مُلزَمون بتقديم الإقرارات قبل «السيامة».. والعلمانيون يراقبون أموال الكنائس.. ورجال الأعمال لا يتدخلون فى الإدارة.. وهذه قصة «الإمبراطورية الاقتصادية»
■ تتحدث عن تطبيق اللوائح فى إيبارشيات القاهرة، ولكن نجد أن لائحة الكهنة تمنع الكاهن من العمل فى الغيبيات مثل «الجن والسحر»، ولكن نجد كهنة تعمل فيها على مرأى ومسمع من الجميع.
- لو ثبت أن أحداً اشتغل بالغيبيات مش مجرد تشهير على فيس بوك، ويوجد إثبات صريح وواضح، سيخضع المخطئ للمحاسبة حسب الآلية الموضوعة داخل الكنيسة، ونحن أصبحنا نعيش فى عالم يشبه القرية الصغيرة، والمعلومات متاحة، ووصلتنى شكاوى كثيرة عن أمور كثيرة داخل الكنيسة، وحينما تواصلت مع المعنيين بتلك الشكاوى لم أجد دليلاً على كلامهم، فلا أحد داخل الكنيسة فوق القانون، وكل مخطئ يحاسَب، والحساب داخل الكنيسة غير الحساب فى المجتمع، فيحكم الحساب فى الكنيسة أشياء مثل التوبة والحرمان والوقف والخلوة الإجبارية داخل الدير، فلو ثبت أن أحداً يعمل فى الغيبيات بلا شك يدخل فى محاكمة.
■ انتشرت بين بعض الأقباط دعوات للتظاهر ضدّ الكنيسة لما سمّوه «انتشار الفساد المالى والإدارى بها»، فكيف ترى ذلك؟
- كم شخصاً دعا للتظاهر؟ إنهم يُعَدُّون على أصابع اليد، فليس الأقباط الذين يطلقون تلك الدعوات، بل 7 أو 8 هم من طالب ودعا إلى ذلك، ونحن بابنا مفتوح ونرحِّب بالحوار دون لىّ ذراع أو شروط مسبقة. وفى ما يخص الأمور المالية، توجد آليه داخل الكنيسة للرقابة على الأمور المالية ليست بالجديدة، وهى تقسيم الكنيسة إلى إيبارشيات، وكل إيبارشية تضمّ عدداً من الكنائس، وبكل كنيسة مجلس الكنيسة، وهذا المجلس فى القاهرة والإسكندرية منتخَب إجبارياً بانتخاب شعبى، وهم المسئولون عن الأمور المالية، ولا يستطيع الكاهن التدخل فى شئونهم والنواحى المالية، فالكاهن يطلب منهم احتياجات الخدمة وتقديمها، ولا أستطيع أن أشكّك فى جميع مجالس الكنائس على مستوى الكنيسة، هذا لا يُعقَل، لأنه تشكيك فى كل الشعب القبطى، وإذا ثبت أن أى مجلس كنيسة ارتكب مخالفات مالية يتم محاكمته أمام الأب الأسقف، والأسقف إذا ثبت أن بإيبارشيته مخالفات مالية، وهذا حدث أيام البابا الراحل شنودة الثالث، فإنه يتم محاكمته وعقابه، فلا أحد كبير على المساءلة، وأى أحد غير أمين على أموال الكنيسة وأموال ربنا يتم محاسبته، فأموال الكنيسة تخضع للرقابة فعلاً.
لن يكون بين الأقباط محتاج نهاية العام.. ولم نعانِ أزمة فى صرف مرتبات موظفى البطريركية.. ولوائح الكنيسة إجبارية على القاهرة والإسكندرية.. واسترشادية للمحافظات
■ كيف تدار العملية المالية بالكنيسة؟
- يفترض أن كل إيبارشية تدير نفسها بنفسها، وتدبّر احتياجاتها ومالياتها بعيداً عن المقر البابوى، فمجلس الكنيسة يجمع عطايا المواطنين، وينفق على المبانى وإخوة الرب واحتياجات الكنيسة، والبابا تواضروس حينما تولى مسئولية الكنيسة أوصى مجالس الكنائس بأن تقسم إيراداتها إلى 30% لإخوة الرب، و30% للمبانى، و30% للخدمة، و10% للطوارئ، لذا فمجالس الكنائس محكومة بتلك الطريقة، ومجالس الكنائس تقدم ميزانياتها بهذا الشكل إلى أسقف الإيبارشية الذى تُعرَض عليه ميزانيات كل الكنائس التابعة له، وإذا ثبت تلاعب فى ميزانية أى مجلس، يقوم الأسقف بالمساءلة ومحاسبة المجلس.
■ وهل يرفع الأسقف ميزانية إيبارشيته إلى البابا؟
- ليس ذلك إلزامياً، ولكنه أمر تقديرى من جانب الأسقف، فالأسقف يراقب أموال إيبارشيته مع مجلس الإيبارشية، وهم علمانيون لا كهنة، فالكهنة فى هذا المجلس استثناء، وإذا كان كاهن فى هذا المجلس فليس بالضرورة أن يترأسه.
■ وكيف تُدار أموال البطريركية والمقر البابوى؟
- الديوان البابوى يقوم بالرقابة المالية مع المجالس الملية بالقاهرة والإسكندرية على أموال البطريركية والكنائس التابعة للبابا مباشرة، فيما يدير مجلس مشكل بقرار من رئيس الجمهورية يضم فى عضويته أساقفة وعلمانيين الأوقاف القبطية.
■ كيف يراقب المجلس الملى أموال البطريركية وهو منتهٍ عمله القانونى منذ عام 2011؟
- بالفعل المجلس الملى منتهية ولايته، ولكنه ما زال يباشر عمله، ولجانه تجتمع، ولكن ليس بالصورة التى كان عليها قبل 2011، ولكنها تجتمع حتى ترى الكنيسة الوقت المناسب الذى يُحسَم خلاله أمر المجلس الملى. 
 الوضع المالى للكنيسة يتأثر باقتصاد الدولة.. وانحسار الطبقة المتوسطة وزيادة الفقراء يزيد أعباءنا.. وسفر الأساقفة ليس تبديداً لأموال الأقباط.. ولا مشكلة فى علاج 1% من الإكليروس بالخارج
■ وكيف ترى المطالب القبطية بتشكيل جهاز رقابى على أموال الكنائس من العلمانيين فى ضوء رفض الكنيسة رقابة الدولة على أموالها؟
- ما فائدة مجلس رقابى من العلمانيين، إذا كان العلمانيون أصلاً هم من يراقب أموال الإيبارشيات والكنائس؟ فهل سننشئ 100 لجنة للمراقبة، كل لجنة منها تراقب على اللجنة التى تسبقها؟ فهناك لجنة من العلمانيين تراقب أموال الكنائس باسم مجالس الكنائس، ولجنة أخرى تراقب أموال الإيبارشية باسم مجلس الإيبارشية، والديوان البابوى يراقبه علمانيون بالمجلس الملى.
■ لماذا لا تعرض كل كنيسة ميزانيتها السنوية على الأقباط من باب الشفافية؟
- ولماذا هذا؟! الشفافية هى أن يثق كل قبطى يدخل الكنيسة أن تلك الكنيسة ملكه، ومعظم التبرعات التى تأتى للكنيسة تبرعات عينية، أما الأمور المالية والتبرعات المالية فلا تقارَن بالتبرعات العينية التى يراها المتبرع أمامه تنتج وتذهب لما أراد لها.
■ ما الآليات التى تمتلكها الكنيسة لمحاسبة من يخطئ ويهدر أموالها؟
- إذا أخطأ مجلس الكنيسة يحاسبه الأسقف التابع له كنسياً، وإذا استلزم الأمر محاسبته قانونياً يتم إحالة الموضوع إلى القضاء، وتكون المحاكمة الكنسية إذا أخطأ أو أهمل المجلس دون قصد، ويتم فى تلك الحالة حلّ المجلس وتشكيل مجلس آخر، أما إذا كان الإهمال والخطأ عن قصد فيتم إحالة الأمر إلى القضاء.
■ ولكن فى معظم الحالات التى يُثار حولها إهدار أموال الكنيسة حتى فى عهد البابا شنودة، كان عقاب الكنيسة يقتصر على التجريد من الكهنوت والعودة إلى الدير، دون أن نرى محاكمة مخطئ أمام القضاء.
- التجريد هو أصعب شىء يخضع له كاهن أو راهب فى الكنيسة القبطية، فهذا يعنى موته، وأصعب قرار يمكن أن يتخذه بطريرك، والبابا شنودة لم يتخذ هذا القرار إلا فى حالات تُعَدّ على أصابع اليد الواحدة طوال أربعين عاماً على رأس الكنيسة، وهو أقسى من أى عقوبة مالية، والتجريد لا يضاهيه أى أموال فى الدنيا، أما لو كان هناك اختلاس فى أموال الكنيسة، هنا نلجأ إلى القضاء ونحتكم إلى القانون.
البابا شنودة أنهى توريث الكهنوت.. وما كان يحدث فى الماضى سببه «القبلية».. والبابا تواضروس علّمنا إعلاء مصلحة الوطن.. ونثق بوعى المصريين لإقرار «بناء الكنائس» فى البرلمان
■ وما طريقة تقدُّم من يمتلك مخالفات مالية داخل الكنيسة بشكواه إليكم؟
- حسب نوع الشكوى، لو الشكوى تخصّ مجلس الكنيسة تقدَّم لأسقف الإيبارشية، ولو كانت الشكوى فى الأسقف تقدَّم الشكوى إلى المقر البابوى، الذى خصص يومين هما الاثنين والخميس من كل أسبوع من التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءً، داخل مكتب سكرتارية البابا يتلقى الشكاوى كافة ويردّ عليها، هذا إذا لم يصل الشاكى إلى حل فى شكواه داخل الإيبارشية التابع لها، أو فى حالة الكنائس والإيبارشيات التابعة للبابا شخصياً مثل القاهرة والإسكندرية، كما تستقبل سكرتارية البابا كل الشكاوى من الأقباط طوال أيام الأسبوع، ولكن ليس مكتب الشكاوى المخصص، فله يوما عمل فقط.
■ تعتمد الكنيسة على تبرعات الأقباط فى إيراداتها، ولكن هناك من ينتحل صفة كهنوتية وينصب على الأقباط ويجمع منهم أموالاً باسم الكنيسة، فكيف ترى هذا الوضع؟
- نحن طالبنا الدولة كثيراً باعتماد الزى الكهنوتى الرسمى وتجريم من يرتديه ويخدع الناس ويجمع أموالاً دون وجه حق، وهذا يحدث كثيرا جداً، وقاموا بجمع أموال طائلة لعدم اعتماد الزى الكهنوتى، وقد طالب البابا شنودة طوال تاريخه مراراً وتكراراً بالاعتراف بالزى الكهنوتى لأن هناك من يستغله فى أفعال مادية وأخلاقية ليست جيدة، وهذا أمر غير صحيح، ونحن نعانى من ذلك جداً جداً.
■ وكيف ترى رفض الدولة اعتماد الزى الكهنوتى حتى الآن؟
- يُرجَع فى هذا إلى الدولة. 
مشروعات الأديرة تخفض الأسعار وتدخل الناتج القومى.. ولولا وطنية الأقباط لحدثت مجزرة عقب اعتداءات 14 أغسطس
■ بالحديث عن الفقراء، الكنيسة وضعت نظاماً جديداً لخدمة إخوة الرب، ما ملامح هذا النظام؟
- المشروع لم ينتهِ بعد، ولكن تم تقسيم إخوة الرب على أربع مناطق تمثّل كل المحافظات، وبكل منطقة تم اختيار منسِّق لها بحيث يتم حصر الأسر المحتاجة، ويتم الحفاظ على مشاعر الفرد وتقديم المساعدة له فى سرية وإشباع احتياجاته، واقترب هذا المشروع من الانتهاء وسيحقق طفرة كبيرة جداً فى خدمة فقراء الأقباط، وقد تم إقامة أربعة لقاءات بمسرح الأنبا رويس فى الكاتدرائية لكهنة تلك الخدمة مع البابا، وتم خلالها إحراز تقدم كبير جداً، وبنهاية هذا العام لن يكون فى الكنيسة محتاج، وسنكفى كل محتاج من الأقباط.
■ كيف ترون الانتقادات التى توجه إلى الأساقفة بتبديد أموال الكنيسة فى الرحلات الخارجية والسيارات الفارهة للكهنة؟
- سفر الأساقفة إلى الخارج يأتى من أجل التعليم والخدمة فى إطار تبادل الزيارات الرعوية، وهذا مطلب شعبى قبطى، وليس السفر للترفيه والتسلية، وأقباط الخارج أحوج ما يكونون إلى لقاء أساقفة وكهنة الكنيسة من أقباط الداخل، فلدينا أكثر من 65 إيبارشية خارج مصر، والأقباط فى 100 دولة حول العالم، وهذا ليس تبديداً لأموال الكنيسة. وهناك من يأخذ الأمر من الزاوية السلبية بالحديث عن «السفر للفسح»، ولكن تلك الرحلات إجهاد كبير لا يُحتمل بكل صدق، فأنا واحد ممن رافقوا البابا فى زياراته الخارجية، فلم يكن للنوم وقت، والموضوع صعب جداً ومكثَّف، وتلك شهادتى وسيحاسبنى عليها الله.
أما علاج الأساقفة والكهنة فى الخارج، فما المشكلة إذا كان لدينا 125 أسقفاً وآلاف من الكهنة وخرج واحد فى المائة منهم للعلاج فى الخارج؟ ماذا يضرّ فى أن واحداً فى المائة من الإكليروس فى مصر ذهب للعلاج فى الخارج؟
وبالنسبة إلى الكهنة تلك نقطة مهمة جداً، ففعلياً إذا رُصد ثراء كاهن دون الوضع المالى الحقيقى له يتم محاسبته، فالكنيسة تُلزِم الكهنة الذين يتم سيامتهم بتقديم إقرار ذمة مالية قبل دخوله الكهنوت، وهذا الإقرار يكون عند الكنيسة، وإذا تم تقديم شكوى فى كاهن يتم الرجوع إلى إقرار الذمة المالية له ومقارنته بالوضع الحالى، ويخضع الكهنة لقانون «من أين لك هذا؟».
■ وما ردّكم على ما يُقال عن توريث الكهنوت داخل الكنيسة؟
- لا توريث داخل الكنيسة، ولائحة شئون الكهنة تنصّ على أن الشعب يختار راعيه، وهذا الأمر كان يطبق فى عهد البابا شنودة قبل وجود تلك اللائحة فى عهد البابا تواضروس، فالكهنة يتم انتخابهم، ومن يردد تلك المقولات فعليه أن يعطينا أمثله أو مستنداً واحداً، ونحن سنحاسبه ونجعله عبرة لأى أحد، ولكن لا يتحدث عن ذلك أى شخص بدليل، وإن كان من الممكن حدوث توريث للكهنوت فى عهد البابا كيرلس أو قبله بفعل القبلية، ولكن حالياً أو أيام البابا شنودة لا يوجد.
■ هل وضعت الكنيسة آلية لاستقبال تبرعات أقباط المهجر من أجل تنمية مواردها المالية؟
- كما اتفقنا، الكنيسة مقسَّمة إيبارشيات، والإيبارشيات تدير نفسها بنفسها، وأسعار الأراضى وإنشاء كنيسة مكلِّف جداً، وأقباط المهجر الآن ليسوا مثل زمان، وحتى نشترى كنيسة فى الخارج يتم ذلك بمبالغ طائلة، لأن أسعار المبانى هناك أغلى شىء، وأقباط الخارج حينما يرسلون أموالاً تكون إلى القرى الفقيرة أو إخوة الرب، ويتم ذلك بطريقة فردية لا عبر الإيبارشية، فلا توجد آلية تجعلنا نتحكم فى أموال أى أحد.
■ ما حقيقة مواجهة الكنيسة أزمة فى مرتبات الموظفين بالديوان البابوى والاستعانة بأحد رجال الأعمال لمواجهة ذلك؟
- هذا لم يحدث إطلاقاً، وكلام عارٍ تماماً من الصحة.
■ وما ردّكم على تدخل رجال الأعمال فى إدارة الكنيسة بحكم تبرعاتهم السخية لها؟
- هذا غير صحيح أيضاً، ورجال الأعمال الذين يتبرعون للكنيسة تنتهى مهمتهم عند التبرع، سواء بأموال أو أرض، وحينما تصل إلى الكنيسة تلك التبرعات تصبح مسئولية الكنيسة إدارتها، وليس لهم علاقة، فلا يوجد تدخل من رجال الأعمال فى الكنيسة.
■ المشروعات الديرية، رغم تحذير اللوائح الكنسية من الانغماس فيها، يصفها البعض بـ«إمبراطوريات اقتصادية»، ما مدى صحة ذلك؟
- فى السابق الدير كان عالة على الكنيسة، وكان فى منتهى الفقر، ومر وقت صعب جداً على الأديرة، ففى القرن الماضى مثلاً كانت تمر ليلة العيد ولا يجد الرهبان قطعة جبن يأكلونها، وتلك حقيقة عبر تاريخ الكنيسة، لأن رهبان الأديرة كانوا يُعَدُّون على أصابع اليد الواحدة، ولكن حينما دخل الديرَ فئات مختلفة من الشعب، منهم الأطباء والمهندسون، بدأ التفكير فى تطوير المكان، بمعنى أن النظام الديرى يعتمد على نظام عبادة من الثالثة صباحاً حتى الثامنة صباحاً، ويذهبون إلى عملهم ثم يعودون فى الرابعة أو الخامسة مساءً، ثم يبدأون خلوة فى الصحراء بالليل، وهنا تم إدماج العمل والعبادة، وبالفكر تم تطوير العمل لمشروعات كبيرة تقوم بتشغيل المواطنين، وتكفى تلك المشروعات احتياجات الدير كله ويتم تصدير الفائض منه للمجتمع، وبذلك لم يصبح رهبان الأديرة عالة على المجتمع والأقباط، وأصبحوا طاقة منتجة، وليس فى ذلك مشكلة.
■ ولكن البعض يرى تناقضاً فى ادّعاء الكنيسة عدم حصولها من الدولة على شىء حتى يتم السماح بالمراقبة على أموالها، فى حين أن مشروعات الكنيسة والأديرة معفاة من الضرائب.
- الفكرة هنا هى لمن سيذهب ما تنتجه الكنيسة فى النهاية، إنه يذهب للفقراء والمجتمع، فبنظرة اقتصادية لا دينية، ما ينتجه بعض الأديرة يُسهِم فى العملية الإنتاجية للمجتمع ويسمح بتخفيض أسعار السلع الغذائية وغيرها، ويدخل الناتج القومى لمصر.
■ كيف ترى الانتقادات التى توجه إلى الكنيسة أحياناً من الأقباط حينما تمدّ يدها بالمساعدة للوطن فى الداخل والخارج انطلاقاً من موقفها الوطنى؟
- لا بد أن نفهم ماهية دور الكنيسة، فالكنيسة القبطية كنيسة وطنية خالصة ومستقلة جداً من أول مار مرقس حتى الآن، ولم تُستعمر طوال تاريخها من طوائف أو دول، وتأخذ قرارها من نفسها، ومنهجها رعوى، ولم تدخل فى أى معادلات سياسية رغم محاولات إدخالها، ولكنها كنيسة وطنية، هموم الوطن هى همومها ومشكلات الوطن مشكلاتها، فالبابا حينما يسافر إلى الخارج هو سفير لمصر يدعو الخارج للزيارة والاستثمار وربط أقباط الخارج بالوطن، والكنيسة علّمت أبناءها حب الوطن، فالبابا كيرلس علّم الأقباط الانتماء إلى الوطن، والبابا شنودة مدرسة حب الوطن، والبابا تواضروس إعلاء مصلحة الوطن، ونحن شربنا هذا الكلام منهم، وستجد ارتباطاً وحنيناً إلى مصر وقيمتها، ودافعنا وطنى فى المقام الأول، وإن كان كثيرون يسعون لجرِّنا إلى العمل السياسى بالانتخابات وغيرها فهم خاسرون، فعملنا رعوى ووطنى، وهذا ما ظهر فى 14 أغسطس، فلو رجعنا لما قبل أحداث ماسبيرو 2011 كان الأقباط يخرجون فى كل المحافظات بمظاهرات يعلنون رفضهم أن يمسّ أحد كنائسهم ومقدساتهم، فتخيل إن كان الأقباط خرجوا ودافعوا عن مقدساتهم عقب مهاجمتها فى 14 أغسطس 2013، كانت ستصبح مجزرة، لذا كان الوعى الوطنى، فقد أعلوا الوطن على مقدساتهم وذلك بتلقائيتهم التى أخذوها من كنيستهم التى غرست فيهم حب الوطن والدفاع عنه، لا اصطناع الأمر، فخرجوا فى 30 يونيو بدافع الوطن لا بدافع طائفى أو دينى، وذلك بكل الصدق.
■ هل تخشى الكنيسة البرلمان فى أثناء مناقشة قانون بناء الكنائس؟
- نحن بصدق نثق بوعى المصريين ونضجهم، ونعلم أنهم ينظرون لمصلحة الوطن بعيداً عن أى أمور طائفية، وأعضاء البرلمان هم الذين عليهم تحقيق المواطنة الكاملة فى المجتمع.
■ ما اللوائح الجديدة التى سيقرها المجمع المقدس فى اجتماعه المقبل؟
- لائحة المرتلين، ولائحة المكرسين للرجال، هما ما سيناقشه الاجتماع المقبل للمجمع المقدس.