مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، لا حديث لها إلا عن «نجل عامل نظافة»، في شارع عمار بن ياسر، زاعمين أنه هو أول شخص وصل لموقع التفجير الذي تعرض له موكب النائب العام المستشار هشام بركات، أثناء مروره بجوار سور الكلية الحربية بمصر الجديدة، وأنقذه من الموت.
القصة كما يرويها بعض «الفسابكة»، و«التويتريون»، تقول إن نجل عامل النظافة كان هو أول من وصل إلى موقع الانفجار و«شال النائب العام ونقله إلى سيارة الإسعاف»..!
سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.. ففي الوقت الذي تم فيه استبعاد الأوائل والمتفوقين من أبناء الفقراء والبسطاء، ومن لا واسطة لهم، من التعيين في السلك القضائي.. قرر مجلس القضاء الأعلى تعيين ٧٩٧ من دفعة عام ٢٠١٢ في النيابة العامة، واستبعد تعيين كل من لم يكن والده حاصلا على مؤهل عالٍ، وذهبت «التورتة القضائية» لأبناء القضاة، ومن يدركون جيدًا طريق المحسوبية؛ ما دمر مستقبل العشرات من الخريجين الحاصلين على تقدير جيد جدا.
ربما تكون القصة غير حقيقية، لكنها تحمل في طياتها العديد من الدلالات، والمغازي، والمفارقات.. ففي الوقت الذي استبعد فيه مجلس القضاء الأعلى بعض الأوائل من التعيينات في النيابة العامة، بسبب المستوى الاجتماعي، و«مؤهل الأب»، كان هؤلاء البسطاء- الذين يحملون جينات الشهامة والرجولة والنخوة- هم أول من يتصدى للموت، ويواجهون الإرهاب بصدور عارية، وعلى استعداد للتضحية بأرواحهم لحماية أبناء الوطن، وعلى رأسهم «القضاة»!
لعل هذه القصة- وإن لم تكن حقيقية- تجعل الرئاسة، والمجلس الأعلى للقضاة، والقائمين على التشريعات، ينسفون اللوائح المكتوبة في عقول الذين يظنون أبناءهم، «نسل الله المختار»، فيتم تعيينهم في القضاء، حتى وإن كانوا حاصلين على أقل من 70%، كما حدث في دفعة 2012 نيابة عامة.
لقد قامت الدنيا ولم تقعد ضد وزير العدل السابق المستشار محفوظ صابر، حتى أجبر على تقديم استقالته، بسبب تصريحه، بأنه لن يتم تعيين أبناء الطبقة الفقيرة في القضاء.. وعندما جاء المستشار أحمد الزند وزيرًا جديدًا للعدل، لم يتغير شيئًا، وظلت الأوضاع كما هي.. أبناء الفقراء والبسطاء، يحمون القضاة، ينظفون سياراتهم.. يحرسون أبراجهم وفيلاتهم.. يضحون بأرواحهم من أجلهم.. لكن السلك القضائي «مُحرَّمٌ عليهم»..!
وحسبي الله ونعم الوكيل