أوطان لا تعرف العيد ..




"تتعالى أصوات التكبيرات، تتخللها ضحكات أطفال يلهون وسط حطام مدرستهم، رائحة الموت تملأ المكان، فجأة يقطعها دوي انفجار، انقلبت معه الضحكات إلى صراخ وعويل، الدماء تتناثر في كل مكان، لا صوت يعلو فوق صوت آلة القتل والدمار".. على هذا الحال استمرت معاناة أوطان عرب على مدار السنوات الأربع الماضية.

"سوريا"
"فقط في سوريا ..اشتري الكفن بدل ملابس العيد".. شعار رفعه ملايين السوريين، ممن فقدوا ديارهم وذويهم خلال الصراعات الأهلية يرافقهم الفقر والمرض في مخيمات نزوحهم، فها هو العيد يأتي من جديد علي سوريا وهي تنزف من أبناءها يومًا بعد يوم.

وتحت وطأة المعارك الدائرة بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد وتنظيم "داعش"، يقضي أهالي مدينة حمص العيد وسط اشتباكات عنيفة بين الطرفين المتنازعين على الطريق الواصل بين مدينتي تدمر والسخنة بريف حمص الشرقي، طمعًا في إحكام السيطرة علي ريف تدمر، كونه أكبر حقل للغاز في سوريا.

وعلى بعد أمتار قليلة من العاصمة دمشق، يعاني سكان بلدة مضايا الخاضعة لسيطرة كلا من تنظيم جبهة النصرة والجيش الحر، الجوع والمرض، مع شبه حصار مفروض على البلدة من قبل النظام السوري الذي يحاول العمل على ضم مضايا إلى سيطرة الدولة بتوجيه عدة ضربات بالدبابات والمدفعية ما أدي إلى تدمير بنيتها التحتية بسبب إسقاط البراميل المتفجرة.

"فلسطين"

يحل عيد الفطر في الأراضي الفلسطينية المحتلة وسط أنهار الدم التي تنسكب جراء الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وعلى عكس سائر البلدان الإسلامية، يعاني أهل فلسطين قهر الاحتلال الصهيوني، حيث يقف جنود الاحتلال في وجه الشعب الفلسطيني حائلًا لهم دون أدائهم صلاة العيد في المسجد الأقصى وإقامة شعائرهم الدينية.

كما تتذكر عائلات الشهداء فلذات أكبادها، لتجدد آلام الشعب الفلسطيني، الذي يكابد مرارة الحصار منذ عام 1948، فتقضي الضفة الغربية أيام العيد، تحت وقع ضربات المستوطنين، كما تصرخ القدس باكية قسوة الاحتلال الصهيوني، بينما تقبع غزة تحت وطأة الحصار، وسط تهديدات مستمرة من العدو الصهيوني بتنفيذ العديد من الغارات الجوية، ليفقد الشعب الفلسطيني كل مظاهر البهجة والاحتفال طوال أيام العيد. 

"العراق"

ومن آلام الشعب الفلسطيني، إلى مأساة الشعب العراقي، حيث يعاني نحو أربعة ملايين ونصف مليون نازح من ظروف معيشية صعبة للغاية، في ظل العمليات العسكرية المستمرة في محافظتي الأنبار والفلوجة التي فاقمت أزمة النزوح.

تستمر معاناة المواطنين العراقيين جرَّاء الرهاب، وما قاد إليه من تَرَدٍّ أمني وإنساني، و سياسي ومعيشي، أدى إلى اختلاف مظاهر الاحتفال بالعيد بعد الغزو عمَّا كان سائدًا قبل الغزو.

ويحتفل مسلمو العراق بعيد الفطر وسط معارك طاحنة وضربات قوية يوجهها الجيش العراقي ضد معاقل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وآخرها معركة تحرير الفلوجة - أولى المدن العراقية التي سقطت في أيدي التنظيم الإرهابي - فبعد أن كابد الشعب العراقي آلام الإرهاب وتجرع مرارة غياب الأمان، تلاشت مظاهرة البهجة والفرحة بأيام العيد، حيث اختفت المراجيح، وتوقفت البنات عن صنع الأكلات الخاصة بالعيد مع أمهاتهن.

"ليبيا"

علي أصوات القذائف والقنابل، يستقبل الليبيون العيد، وسط معارك واشتباكات دامية تشهدها العاصمة طرابلس وتمتد الي مدن درنة، سرت ومصراته، ففي درنة يعيش نحو 80 ألف شخص وسط أجواء ملتهبة جراء معارك تتجدد من حين لآخر بين ما يعرف بـ"شورى مجاهدي درنة"، والوحدات المساندة لهم من شباب المناطق ضد تنظيم "داعش".

وتشهد العاصمة طرابلس اشتباكات متقطعة بين قوات فجر ليبيا على خلفية انشقاق بين كتائبها، بعد تنفيذهما عدة عمليات اعتقال وتدمير للمؤسسات الليبية، ومنها مطار طرابلس ومركز الأرصاد الجوية بحسب الجيش الليبي.

وتعيش ضواحي مدينة سرت أوضاعا إنسانية صعبة منذ أكثر من أربعة أعوام، تتمثل في افتقاد أهلها لمتطلبات الحياة اليومية ونقص الأغذية والأدوية وعدم وجود الرعاية الصحية، حتى ارتفعت وتيرة المعاناة في الأيام الأخيرة مع اندلاع المواجهات المسلحة بين قوات البنيان المرصوص وتنظيم الدولة.

وفي مدينة ترهونة، أطلقت جمعية الهلال الأحمر الليبي حملة لجمع الملابس والأحذية لتوزيعها على الأسر النازحة والمحتاجة قبل عيد الفطر.

"اليمن"

في مثل هذه الأيام من كل عام ومع اقتراب عيد الفطر مبارك تكون شوارع تعز وخاصة وسط المدينة المكتظة بالأسواق التجارية مكتظة هي الأخرى بالمتسوقين لشراء متطلبات العيد، إلا أنها باتت عامرة بالوحشة، إثر تصاعد الاشتباكات المسلحة بين الجيش اليمنى والمقاومة ومليشيات الحوثيين، حيث تسببت الحرب الأهلية في اليمن التي تصاعدت في مارس 2015 بتهجير2.8 مليون يمني، بحسب المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وفي محافظة حضر موت، دشَّنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مشروع توزيع كسوة العيد لأسر الشهداء والأرامل والأيتام والمحتاجين من اليمنيين.       
هذا الخبر منقول من : الدستور