قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها(595)
لست مندفعا فيما أكتب…بل اعتدت علي التروي والتمهل أمام المشاكل حتي أحسن تقييم الأمور…ولعل البعض فسر صمتي بالتخاذل…لكني اليوم أكسر هذا الصمت غاضبا ومحتجا إزاء مايحدث فيجمهورية المنيا الإسلامية المستقلة!!!…ولا تستغربوا ما أقول,فالمراقب لتسلسل الأحداث التي عصفت-وماتزال تعصف-بالمنيا منذ 2013 عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة والخلاص من الإخوان بالقطع سوف يفشل في تلمس أية ملامح للدولة المصرية أو دستورها أو قوانينها…سوف يصدم وهو يري هيبة وكرامة الدولة المصرية تمتهن بيد الغوغاء والرعاع والخارجين علي القانون والمتأسلمين,والفضل في ذلك كله يرجع للتقاعس والتخاذل المخل من جانب ممثلي الدولة من محافظ ومدير أمن وسائر الأجهزة المناط بها رعاية وحماية المواطنين وتفعيل القانون والضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفسه اغتصابه أو العبث به.
من السهل أن يفسر البعض كلامي علي أنه صادر عن قبطي مقهور إزاء الإرهاب الوحشي الممنهج الذي يتعرض له أقباط المنيا-وذلك شعوري بالفعل-لكن القسط الأكبر من حنقي وثورتي يرجع لما أراه من تهرؤ الدولة المصرية وترهلها وعجزها وتخاذلها أمام استباحة الإرهابيين لهيبتها وتحديهم لكرامتها…وأتساءل:ما الفرق بين ما تعرضت له سيناء في قطاعها المتاخم لقطاع غزة وبين ما يحدث في المنيا؟!!!ما الفرق بين إعلان الإرهابيين في سيناء عن تأسيس إمارة سيناء الإسلامية وبين اختطاف الإرهابيين في المنيا للقانون وإعلان أحكامهم ومجالسهم العرفية؟!!!…الفرق أن الدولة سارعت بكل سلطاتها لمحاربة الإرهاب في سيناء حتي أنها أعلنت حالة الطوارئ وفرضت الأحكام العرفية فيها للذود عن كرامتها وحماية مواطنيها,بينما لم تفكر في أن تفعل نفس الشئ في المنيا وتركت أقباطها ضحاياجمهورية المنيا الإسلامية المستقلة.
إنه إرهاب متوحش منفلت بجميع المقاييس مايحدث في المنيا,ويزيد توحشه وانفلاته بمقدار غياب الدولة وتخاذلها…وما يبعث عليالقرفويصيب المرء بالغثيان ما يعلن عقب كل حادث غوغائي يقع عن جهود المصالحة!!…ومجهودبيت العائلة!!.والبيانات الكئيبة الخائبة عن أن ذلك الحادثلا يمثل النسيج المصري الأصيل!!..ما هذا الهراء وما هذا العبث وما هذا الاستخفاف بعقولنا؟…بدلا من الضرب بيد من حديد وجعل المعتدين عبرة لكل من تسول له نفسه أن يحذو حذوهم يتم اللجوء للمخدرات والمسكنات والمهاترات التي تفضح عجز الدولة وتخاذلها؟!!
وإذا كان ذلك هو أقصي ما تستطيعه الإدارة,أين نواب البرلمان ورد فعلهم إزاء مايحدث في المنيا منذ زمن؟…لماذا لا ينتفضون ويقدمون طلبات إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الداخلية ومحافظ المنيا؟…ألا يرون تردي الأحوال وانفلاتها بالدرجة الخطيرة التي تنذر بخروجها عن نطاق السيطرة؟…ألا يخشون من أن نموذججمهورية المنيا الإسلامية المستقلة قابل للتكرار في أماكن أخري طالما يتم تركه دون مواجهة حاسمة؟!!
وأخيرا أين الرئيس السيسي؟…هل سيستمر في الرهان علي محبة الأقباط له بالرغم من صمته أمام تلك الأوضاع المتفجرة الحزينة؟…هل سيكتفي إذا تكلم بإرسال العبارات الدافئة المعسولة لتأكيد مواطنة الأقباط بينما هو يترك الأقباط يتلقون الضربة تلو الضربة ويعيشون في رعب بفضل إدارة تسمح بأن يفلت الجاني بفعلته مرة تلو المرة؟….ألم يتلق من مستشاريه تقارير حالة تتحدث عن مغبة ترك الأمور تتردي في المنيا وتتجه نحو الهاوية؟….هل يعتقد الرئيس أنه لا يستطيع شيئا وأن يديه مغلولة عن التدخل في عمل سلطات الدولة؟!!
إذا كان ذلك غير صحيح فليفعل الرئيس كل مايلزم لوضع الأمور في نصابها ويضع حدا لتلك المهازل التي تحيق بالأقباط وتمهتن هيبة وكرامة الدولة…أما إذا كان ذلك صحيحا فليعرف الرئيس أن رصيد المحبة الذي يكنه له الأقباط يتآكل والغضب المكبوت في صدورهم يتفاقم,وإذا استمر الحال علي هذا المنوال دعوني أهمس في أذنه:لاتذهب إلي الكاتدرائية المرقسية في عيد الميلاد لأني أشفق عليك مما قد يصادفك من وجوم.