الداعية الإسلامي أسامة القوصي يكتب: المحبة مفتاح الخير كله




هديتي لكل المحبين في يوم عيد الحب: (المحبة مفتاح الخير كله).. لم أجد أنسب من هذه الكلمات التي كتبتها إجابة على سؤال باغتني أحد الأصدقاء قبل حين وهو: “ما هي أعظم نعمة أنعم الله بها على الإنسان في هذه الحياة؟”.

سؤال غاية في الأهمية؛ لأن إجابته هي سر السعادة والنجاح والفتح والنصر والتوفيق والبركة والاستقرار والطمأنينة والسكينة، وكل أنواع البر والخير والإحسان، بل سر الفوز في الدارين.

فما هو الجواب على ذلك السؤال العظيم؟
الجواب في كلمة واحدة تحل اللغز وتفك طلاسمه: (المحبة)، وإن شئتَ قلتُ (الحب)؛ فالحب سر هذا الكون، وسر هذه الحياة بشِقَّيها الدنيوي والأُخروي، الحب بمعناه الأعم، وبكل أنواعه ودرجاته، فأوله وأعظمه وأهمه (حب الله الخالق البارئ المصور صاحب الفضل كله والآلاء والنعم جميعها)، ومن حبه سبحانه تَوَلَّدَ جميعُ أنواع الحب الأخرى على اختلاف درجاتها.
فحب الأنبياء والصِّديقين والشهداء والصالحين، أو بعبارة أخرى (حب الخير وأهله)، ومنه حب الجنه ونعيمها، والسعي لأن نكون من أهلها، ومنه حب الملائكة أجمعين؛ فمن أحب الله أحب الخير الذي يحبه الله وأهل الخير الذين يحبهم الله، ثم يأتي الحب الفطري الجِبِلِّي وهو حب الوالدين، ثم الأقرب فالأقرب من ذوي الأرحام، ومنه حب الزوجة والأولاد، ثم حب الجيران والأصحاب، ثم حب بقية البشر لبشريتهم وإنسانيتهم، وأن يحب لهم ما يحبه لنفسه من الخير.

ثم يأتي حب السماوات والأرض، أو بعبارة أخرى حب البيئة التي تعيش فيها بداية من البيئة القريبة مكانا كغرفتك، بل مقعدك المفضَّل، انتقالا لشقتك وعمارتك أو مسكنك بكل مشتملاته، اتساعا إلى الحارة أو الشارع فالحي أو القرية أو المدينة إلى بلدك ووطنك بما فيه من معالم وجغرافيا وتاريخ وحضارة بعلومها وفنونها وآدابها، حتى ما فيه من أنهار أو جبال أو وديان، فضلا عن حيواناته وطيوره وأسماكه، ومنه إلى الأقطار المجاورة الشقيقة ثم الصديقة، ثم إلى القارة فالمحيطات فالقارات الأخرى.
ومن أعظم ثمار هذا الحب المحافظة على البيئة؛ فالله لا يحب الفساد، ولا تستغرب أن تسمع كيف كان الأنبياء والرسل يحبون بلادهم وقراهم، ويعتبرون الدفاع عنها من صميم الدين، كما ورد في القرآن عن أحدهم : (قال هل عسيتم إن كُتِبَ عليكم القتال ألا تقاتلوا، قالوا ومالنا ألا نقاتلَ في سبيل الله وقد أُخرِجنا من ديارنا وأبنائنا)، ولا تعجب إن سمعتَ أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام نظر يوما إلى جبل أُحُد ثم قال (أُحُدٌ جبلٌ يحبنا ونحبه).

إنه الحب المطلق بكل أنواعه وأشكاله ودرجاته، إنه حب الله والناس والكون، حبٌ يُوَلِّدُ الخير كله والبركة التامة والنصر المبين والفتح الكامل بكلِّ ولكلِّ ما هو خير حبٌ يُثمِرُ العطاء والنَماء والبِناء والازدهار، لا الهدم ولا الحرق ولا القتل ولا الدمار. حبٌ يدخِلنا الجنةَ، ويباعدنا عن النار، ويجعلنا عند الله من المُصطفَين الأخيار، اللهم اجعلنا من أهله يا بَرُّ يا رحيمُ يا غفار.