«حماصة» فى أول حوار بعد «محرقة العجوزة»: حاسس إنى فى كابوس مش عارف أفوق منه.. وعايز أروح لـ«أمى»



كثير ممن تابع حادث الملهى الليلى فى العجوزة والذى أسفر عن مقتل 16 من العاملين شعر بدهشة وتساءل: لماذا وكيف؟، ومن علم منهم بأن مرتكب الحادث شاب اسمه «حماصة» من امبابة كان يقول بثقة «الواد حماصة ده خطر، دا بينيّم إمبابة من المغرب، دا بيخلّى السواقين كلها تدفع إتاوة عشان تعدى، دا إحنا ساكنين فى بولاق الدكرور وبنسمع عنه»، وعندما تقاطعه: «مين قال كده» يقسم لك بالطلاق إنه حصل وإن «حماصة» ده خطر.
المتهم يروى لـ«الوطن» تفاصيل ما جرى: «نفسى أصحى ألاقينى يوم الخميس اللى قبل الحادث.. مش قادر أتخيل إنى عملت كده»
التقينا «حماصة»، شاب طويل، ممتلئ الجسم، بشرته سمراء، لا يعرف معنى كلمة بلطجة أو بلطجى، يسمع عنها، ولكنه مارسها دون علم أو دون تفكير، ممارسة قد تقوده إلى الإعدام، قال الشاب المتهم بقتل 16 ومعه 3 من زملائه «أنا حاسس إنى فى كابوس مش عارف أفوق منه، أتمنى أنه يكون كابوس وأصحى منه ألاقينى يوم الخميس، اللى سبق الحادث، والله مش قادر أتخيل إنى عملت كده، إحنا كنا بنعمل لقطة بس الموضوع كبر منى، بقيت مش شايف غير الضلمة فى اللى جاى، نفسى أروّح لأمى».
قلنا نعمل «لقطة» ونعلّم على صاحب الملهى وولعنا فى الباب وجرينا وفوجئنا بمقتل 16 من الزبائن.. وحزين لتأجيل زفاف أختى
عن تفاصيل جريمته يقول: أنا كنت سهران مع باقى المتهمين محمد الملقب بالمجنون، وجمال الملقب بميكى، والرابع الهارب «سعيد»، والكلام ده كان فجر يوم الجمعة الماضى، ورُحنا ملهى الصياد، قُلنا نسهر شوية ونرقص شوية، والعاملين بالمحل، طردونا إحنا الأربعة، وكان الكلام ده نحو الساعة 5 فجر الجمعة، أنا اتصرفت واتصلت بأصحابى واحد منهم بيتشغل بودى جارد فى ملهى تانى فى المنطقة، و10 دقائق وصاحبى جه ولما جه الدنيا هديت بس بتوع المحل رفضوا أن إحنا ندخل المحل ونسهر فيه، اتفقنا نروح نسهر فى محل تانى، ورُحنا ملهى الدوحة سهرنا فيه، وإحنا قاعدين اتفقنا أن إحنا لازم نعمل «لقطة» على الناس ديه علشان مفيش حد يعلّم علينا، وفضلنا نفكر، وكانت الساعة نحو 6 الصبح، ولقيت المجنون بيقول ليّا إحنا نخطف مدير المحل، وأنا قلت له «خطف» يعنى شرطة والدنيا هتتقلب علينا ونتحبس، إحنا نولع فيه بس ويبتسم قائلاً ياريتنى كنت سمعت كلام المجنون بدل الخطف قتلنا 16 واحد.
يواصل المتهم حديثه: اتفقنا نروح نحرق واجهة المحل، وجاءت خطة الحرق إنى اشتريت زجاجتين فارغتين ومليتهم بالبنزين من «تنك» الدراجة النارية وهجمنا على المحل، وكان لكل متهم دور، وكان دورى أقود الدراجة النارية ويركب خلفى صديقى الملقب بـ«المجنون»، لكى يُلقى زجاجات المولوتوف على باب المحل، والثالث «ميكى» يقود الدراجة النارية الثانية، ويركب خلفه المتهم الرابع «سعيد»، (الهارب)، ويحمل معه فرد خرطوش، وعقب وصولنا، أطلق المتهم الرابع رصاصة على واجهة المحل، وألقى المتهم الثانى زجاجات المولوتوف، وهربنا إلى منطقة إمبابة، وبعد ذلك عرفنا أن 16 شخصاً قُتلوا داخل الملهى، والدنيا اتقلبت على واقعة الملهى والشرطة بتدوّر علينا فقررت أنا وصديقى المجنون الهرب إلى السويس.
البودى جاردات «زعّلونا» ومرضيوش يدخّلونا.. ورفضت اقتراح «المجنون» بخطف صاحب الملهى وقلت الشرطة هتقلب الدنيا.. نولّعه أحسن
يتابع المتهم الحكاية: وأنا فى الطريق إلى السويس اتصلت بـ«أم كريم»، ودى ربة منزل كنت اتعرفت عليها فى الإسكندرية من نحو شهرين، وبعدين كنت معجب بـ«بنتها»، وكان نفسى أتجوزها، وقلت لها إنى فى الطريق إليها، وعقب وصولى إلى السويس كنت جعان أنا والمجنون وبعدين دخلنا أكلنا كشرى وعقب خروجنا من المحل لقيت الشرطة مسكتنا، وجيت إلى قسم العجوزة ولقيت الدنيا مقلوبة وضباط كتير وعرفت من العسكرى اللى كان ماسكنا ودخلت المكتب وبدأت أحكى تفاصيل الواقعة أنا والمجنون قدام العميد محمد عبدالتواب رئيس المباحث الجنائية لقطاع شمال الجيزة، والعميد عبدالحميد أبوموسى مفتش مباحث وسط الجيزة، والمقدم أحمد الوليلى رئيس المباحث، وأنا بحكى لقيت الدنيا اتقلبت فى القسم ودخل عليّا ضابط كبير له هيبة كده وعرفت من الحرس أن ده اللواء خالد شلبى نائب مدير الإدارة العامة للمباحث.. اعترفت بكل حاجة.
زميلى «محمد المجنون» ميكانيكى وتعرفت عليه وأنا باصلّح الموتوسيكل وهو اللى سحبنى لـ«الملاهى الليلية».. وأول سيجارة شربتها من سنتين وكنت خايف من أبويا.. وأنا ندمان على اللى حصل
رغم حجم الكارثة التى ارتكبها «حماصة» بالاشتراك مع 3 آخرين، إلا أن الابتسامة لم تفارق عينيه، ويتحدث عن أسرته وعن شقيقته التى تم تأجيل حفل زفافها بسبب حبسه والكارثة التى ارتكبها.
يقول «حماصة»: أنا صعبان عليّا إن اللى حصل ده أجّل فرح أختى اللى كان مقرر عقد قرانها فى بداية السنة الجديدة، وأيضاً والدتى التى لم تتحدث معى حتى الآن وهى تعلم أننى الآن داخل حجز قسم شرطة العجوزة بتهمة قتل 16 شخصاً.. علشان كده أنا ماليش نفس آكل ولا أشرب، أنا كل اللى نفسى فيه أن اللى أنا فيه يكون كابوس ويخلص وأروّح بكرة لـ«أمى».. إحنا أسرة طول عمرها فى حالها، عمرى ما دخلت قسم شرطة، وكان نفسى أخلّص تعليمى فى «معهد الفراعنة»، علشان أتخرج معايا بكالوريوس فى إدارة الأعمال، وتفضل والدتى تفتخر بيّا قدام العائلة، بس أنا كده انتهيت.
هربت إلى السويس عند «أم كريم» لأنى كنت باحب بنتها.. والشرطة مسكتنى بعد «وجبة كشرى»
«حماصة» يتحدث طوال الوقت عن خوفه الشديد من والده وتربيته فى أسرة ملتزمة ومتدينة، وعن شربه السجائر، وعن حبه للكرة والنادى الأهلى، قائلاً: أنا طول عمرى شاب مستقيم بصلّى وعارف ربنا، بعد الثانوية العامة بدأت أشرب سجاير، وكنت بخاف من والدى جداً، كنت أشترى السجاير وأروح أشربها فى شارع جامعة الدول، كنت أمشى من بولاق الدكرور علشان أروح أشرب السجاير فى جامعة الدول علشان كنت خايف من والدى، ولحد دلوقتى بخاف أشرب قدامه سيجارة، وكنت بحب الكرة وبشجع النادى الأهلى، وكنت بحب أبوتريكة، لحد بعد ثورة 30 يونيو، زعلت منه، لأن صحابى كلهم زعلوا منه، بس معرفش إيه السبب.
شعوره بالندم على ارتكابه للواقعة، لم يفارقه منذ ارتكاب الواقعة، وحتى حبسه وأيضاً كلما شاهد باقى المتهمين المحبوسين معه «المجنون ومكى»، يتشاجر معهما، ويردد عبارات أنا كان مالى ومال الملاهى الليلية، 5 أيام فقط كانوا السبب فى ضياع مستقبلى.
ويشرح المتهم كيف تعرف على باقى المتهمين وسبب شهرة المتهم الثانى بلقب «المجنون» قائلاً: أنا كنت بتردد كتير على محل والدى بمنقطة إمبابة، علشان أساعده فى الشغل أنا وأخويا الأكبر منى، إحنا 3 إخوات فقط أنا وليّا أخ أكبر منى وأخت أصغر منى، ومن نحو 6 أشهر، «الموتوسيكل»، بتاعى عطل ورحت صلّحته عند «محمد المجنون»، أصله ميكانيكى، وبعدين اتكلمت معاه، وبعدين بقينا أصحاب، وعرّفنى على مكى وسعيد المتهم الرابع الهارب، وبدأنا نخرج كل يوم بعد ما أخلّص شغل نروح نقعد على الكورنيش أوقات.. أوقات أخرى.. نقعد على القهوة، ولما سألت محمد عن اسمه «المجنون»، قال ليّا أنا أخدت اللقب من أخويا الكبير أصله اسمه سيد المجنون ومشهور فى المنطقة، بس إحنا ماكُناش بنعمل أى حاجة غلط، لحد يوم الأحد من الأسبوع اللى فات، محمد المجنون، قال ليّا أنا ومكى وسعيد أن إحنا نسهر فى ملهى ليلى، بصراحة أنا وافقته، كان نفسى أشوف الدنيا فيها إيه، وأدخل أشوف الناس ديه زى ما بشوف فى التليفزيون ومرة رُحت فى ملهى ليلى فى شارع سوريا ودفعنا كل واحد مننا 150 جنيه ولقيت أن الموضوع عادى مش زى التليفزيون، الموضوع ماكنش حلو، وقلت مش هروح تانى لحد يوم الجمعة اللى فات والكارثة اللى ضيّعت مستقبلى.
عمرى ما دخلت قسم شرطة.. وصديق والدى كان اسمه «حماصة».. ولما مات وأنا فى ابتدائى قلت لـزمايلى نادونى «حماصة».. وبحب الأهلى وأبوتريكة.. بس زعلت منه بعد 30 يونيو أنا وصحابى مش عارف ليه
وعن سر ذهابه لملهى الصياد تحديداً يقول المتهم: الساعة كانت 11 مساء يوم الخميس اللى فات، كنت قاعد أنا والمجنون على قهوة فى منطقة إمبابة، وكنا بنشرب شاى وبنشرب شيشة، والساعة جت واحدة بعد منتصف الليل، لقيت المجنون اتصل بـ«مكى وسعيد»، والاتنين عدوا علينا وقلنا نتمشى شوية على الكورنيش وإحنا كنا بنتمشى المجنون قال ليّا تعالى ندخل ملهى الصياد أنا سمعت أن هو بار كويس وفى بنات حلوة رديت عليه قلت له ماشى بس هو فين، أصل أنا معرفش حاجة والله العظيم، المجنون قال ليّا فى شارع النيل، وصلنا المحل إحنا الأربعة وكانت الساعة الرابعة والنصف فجر يوم الجمعة اللى فاتت، وإحنا لسنا داخلين الكاشير بتاع المحل قال لينا تدفعوا 400 جنيه علشان تدخلوا المحل وحصلت بينا مشادة كلامية والعاملين والبودى جارد بتاع المحل اتلموا علينا وكانت هتحصل خناقة كبيرة.
«حماصة» أثناء حواره مع محرر «الوطن»