يواصل «الوفد» حملته الوطنية للكشف عن مافيا الأغذية والمنتجات القاتلة التي أدت لإصابة ملايين المصريين بالأمراض الخطيرة والمزمنة
وقد بدأنا بالكشف عن عناصر الموت في الألبان والجبن وفي الدواجن واللحوم.. واليوم نكشف خبايا الموت الكامن في الأسماك.. فقد أصبحت الأسماك ملاذ الفقراء الوحيد للهروب من شبح ارتفاع الأسعار خاصة اللحوم الذي وصل سعرها الي 100 جنيه للكيلو، في حين يتراوح سعر كيلو السمك البلطي من 12 الي 15 جنيها، مما يجعل الأسر تلجأ للأسماك للحصول علي الغذاء من البروتين بسعر اقتصادي في متناول الجميع.
ومع تزايد إقبال المواطنين علي شراء الأسماك تزايد معها الخطورة الكامنة في هذا البديل من السمك بسبب استخدام أصحاب مصانع الأعلاف والمزارع السمكية مواد خطيرة تدخل في صناعة الأْلاف وهرمونات قاتلة لتحصين الزريعة تؤدي الي إصابة المستهلكين للأسماك بالأمراض الخبيثة وفيروس الكبد الوبائي C.
«الوفد» اقتحمت عالم مزارع الأسماك للوقوف علي الحقيقة وعلي الأسرار الخطيرة التي نقدمها دون رتوش للقارئ.
تبلغ مساحة المزارع السمكية في مصر 13 مليون فدان بما يعادل قرابة 150٪ من الأراضي الزراعية وتعتبر الثروة السمكية من أهم مصادر الدخل القومي.. و«البروتين» الذي يوفر الاحتياجات الغذائية.
تتنوع مصادر الأسماك حسب طبيعتها فمنها أسماك يتم صيدها من البحرين الأحمر والمتوسط وبحيرات المنزلة والبرلس والبردويل وإدكو وقارون ومريوط والبحيرات المرة وملاحة بورفؤاد ومنها أيضا مصادر المياه العذبة وتشتمل علي نهر النيل بفرعيه الترع والمصارف وأيضا هناك بحيرات حديثة ناصر والريان.
وكان الجهاز المركزي للتبعئة العامة والإحصاء قد أصدر بيانا عن حجم الثروة السمكية في 2010 حيث بلغ الإنتاج 3 ملايين و100 ألف طن وبلغ إنتاج المزارع 70٫5٪ من إجمالي الإنتاج تليها البحيرات بنسبة 13٫7٪ ثم المياه البحرية 9٫3٪ والمياه العذبة 6٫5٪ وبلغت كمية الإنتاج السمكي من المصايد الطبيعية «المياه البحرية والبحيرات والمياه العذبة» 387٫4 ألف طن، وبلغت كمية الإنتاج السمكي في المزارع السمكية 919٫6 ألف طن ونسوق هذه الأرقام لنكشف حجم وأهمية منتج السمك كثروة وطنية وكغذاء شعبي للمصريين.
البداية من محافظة كفر الشيخ من المزارع السمكية المتاخمة لبحيرة البرلس التقيت مع علي رياض أحد العاملين بالأجر مزرعة خاصة وهو يعمل في مجال زراعة الأسماك منذ 12 عاما بل نشأ وكبر بين كل المزارع فهو يطعم الأسماك نهارا ويباشر ماكينة المياه التي تعمل بصفة مستمرة لري 50 فدانا من حيث انخفاض أو ارتفاع المياه ويتقاضي شهريا 1200 جنيه وهو أجر يقول إنه لا يتناسب مع حجم العمل ولكن الظروف كده مفيش شغل.
ويكشف «رياض» أن هناك أصحاب مزارع ليس لديهم ضمير يقومون بعد تجهيز أرض المزرعة وشراء الزريعة سواء البلطي أو البوري بشراء هرمون إسرائيلي لتضخيم وتكبير حجم السمكة ويوضع هذا الهرمون علي الزريعة قبل نزولها الأرض وتوضع حسب كمية السمك ويتم شراء الجرام بـ30 جنيها من الصيدلية البيطرية ويضاف إليه تركيبة علاجية وفيتامينات وأملاح حديدية ومسحوق سمك عالي التركيز وكحول ويقلب قيه الزريعة ويقوم هذا الهرمون بعد شهرين من زراعة الأسماك بتضخيم حجم السمكة وزيادة وزنها وقد تصل سمكة البلطي الي كيلو، وأشار «رياض» الي أن الأطباء يحظرون مثل هذا العمل لأنه يصيب الإنسان بأمراض خبيثة منها السرطان.
مفاجأة أخري كشفها ماهر فرجاني مستأجر مزرعة سمكية قائلا: رقابة الدولة منعدمة علي الاستزراع السمكي والدولة تركتنا فريسة سهلة لمافيا الأعلاف وحلقات الأسماك.. مضيفا: قمت باستئجار 10 أفدنة بسعر 4 آلاف جينه للفدان وبسبب عدم قدرتي المالية أناو غيري من مستأجري وأصحاب المزارع نقوم بشراء الأعلاف واقتراض أموال من حلقات الأسماك بالفائدة لحين بيع الإنتاج مما يعرضنا لخسائر فادحة بسبب تحكم المافيا في أسعار الأسماك.
وأشار «فرجاني» الي أن أصحاب مصانع العلف يقومون بالغش، في السابق كانت الأعلاف تصنع من مواد جيدة مغذية للسمك وغير ضارة وكان أصحاب المصانع يستوردون الذرة وفول الصويا ومسحوق سمك ذا كفاءة عالية ومواد أخري مصرح بتداولها وكانت الأعلاف تؤدي الغرض منها بزيادة حجم السمكة لجودتها وصلاحية مواردها.. أما الآن ومع غياب الرقابة قام أصحاب المصانع لعلمهم أن أصحاب المزارع سيقبلون أي أعلاف لعدم قدرتهم علي الشراء النقدي بالاتفاق مع العاملين في الميناء بشراء أطنان من القمح والذرة الفاسدة بعد انتهاء فترة الحظر عليها ويزعمون أنهم سيقومون بإعدامها لكنهم يبيعونها بأسعار منخفضة ويستخدمونها في صناعة الأعلاف وبدلا عن أن يشتري صاحب المصنع طن الذرة بألفي جنيه أو فول الصويا بـ4 آلاف جنيه، يلجأ الي شراء القمح الفاسد بـ200 جنيه للطن والأزر المغشوش بـ300 جنيه للطن. كما يقوم أصحاب المزارع بالاتفاق مع أصحاب مراكب الصيد في البحيرات والنيل بشراء الأسماك التي يصيدونها بأسعار مناسبة مما يدفع الصيادين لصيد الزريعة الصغيرة والمحظور صيدها من بحيرة البرلس وبيعها لأصحاب المصانع الذين يقومون باستخدامها في مسحوق السمك الذي يدخل في صناعة الأعلاف والأدهي من ذلك قيام المصانع بشراء الأسماك النافقة بسبب الأمراض أو غير ذلك وتدخل أيضا في صناعة المسحوق، ومن ثم تعود مرة أخري الي المزارع وتتناوله الأسماك مما يتسبب في إصابة الأسماك من جديد، وإصابة من يتناولها.
وأضاف أحد أصحاب المزارع والذي نحتفظ باسمه أننا نضطر لشراء الأعلاف الفاسدة لعدم قدرتنا المالية لأن الإنفاق علي المزارع يحتاج قدرة مالية طائلة كي نطعم الأسماك وقد تنفق أعداد كبيرة بمرض الحمراء وهو مرض يظهر علي شكل بقع حمراء وعندما نكتشف المرض نسرع في تصفية المزرعة وبيع السمك لأن هذا المرض يقتل الأسماك، بعد 3 أيام يحضر صاحب الحلقة الذي اقترضنا منه فيشتري الأسماك بثمن بخس لأنه يعرف المرض ويبيعه في الاسكندرية والقاهرة وهذه الأسماك تصيب من يتناولها بأمراض خبيثة كالسرطان والكبد.
وأوضح صاحب المزرعة أن مصانع الأعلاف تستخدم بودرة السيراميك وقشر الأرز المطحون وبودرة مخلفات الذرة كبديل لمسحوق الأسماك وكلها لا تغذي الأسماك بل تكلفتها تقع علي كاهل أصحاب المزارع.
وأشار المصدر الي خطورة تناول الأسماك المريضة التي لا يعرفها المستهلك والسبب أصحاب المصانع عديمي الضمير وأصحاب الحلقات الذين يقومون بالتوزيع مضيفا أن الدولة شريك أساسي في هذا الفساد بسبب غياب الرقابة التي إن تمت يقوم صاحب المصنع بتقديم أعلاف سليمة للتموين يتم تحليلها ومن ثم تصدر تقارير بصلاحيتها تاركين المخازن المكتظة بالأعلاف الفاسدة.
أين الدولة؟
وتساءل المصدر: أين الدولة وتدخلها في الوقوف بجانب أصحاب المزارع لماذا لا تقوم الدولة بصناعة الأعلاف وتوزيعها علي المزارع ألا تعد الأسماك مصدرا غذائيا مهما يحقق الاكتفاء الذاتي ويعد بديلا للحوم، والاهتمام به يجعلنا دولة مصدرة للأسماك؟!
وأضاف المصدر: الدولة تركتنا فريسة لمافيا تجارة الأسماك حيث نوقع إيصالات أمانة لأصحاب مصانع الأعلاف وحلقات الأسماك التي نسحب منها بمئات الآلاف بفائدة تصل الي 100٪ لماذا لا تقوم الدولة بإنشاء بنك للاستزراع السمكي تقرض منه العاملين في هذا المجال مقارنة بالبنك الزراعي مع احتساب فائدة عادلة بدلا من تركنا فريسة سهلة للمافيا؟
وأشار سعد عزيز أحد أصحاب المزارع أن هناك أراضي تحلية يتم زرعها بالأسماك ومرخصة من الدولة، الدولة لا تعرف عنها شيئا مطالبا الحكومة بحصر كافة أراضي الاستزراع السمكي وتوفير مستلزمات الإنتاج الخاصة بها لأن الاستزراع السمكي وتوفير مستلزمات الإنتاج الخاصة بها لأن الاستزراع السمكي يوفر للدولة مليارات الجنيهات ويجعلنا في مصاف الدولة المصدرة للأسماك ويحقق عادا اقتصاديا جيدا، مضيفا يجب توفير السولار و الأعلاف والأدوية البيطرية ولن نقول تقدمها لنا بأسعار مخفضة مدعومة ولكن نطالب بصرفها بالأجل.. أي بالتقسيط لحين بيع الأسماك فالدورة السمكية منذ الزراعة حتي البيع لا تزيد علي 6 أشهر وتتعهد بتقديم كافة الضمانات لجهات الدولة بدءا من ضمان الأرض وتقديم المستندات والأوراق الضامنة لذلك.
وأوضح علي سيد أحمد أن هناك أصحاب مزارع يستخدمون «السبلة الطرية» بديلا للأعلاف وهي عبارة عن فضلات الدواجن ويتم إطعام الأسماك بها وهذه تسبب أمراضا فتاكة تصيب الإنسان بالأورام الخبيثة لأن هذه المخلفات الداجنة بها كل الهرمونات الضارة التي تتغذي الدواجن عليها وبالتالي تنقل للسمك.
وأضاف سيد أحمد أن أغلبية المزارع تقوم بتهجين الأسماك وتحويلها الي نسبة 80٪ من الأسماك ذكور لأن أنثي السمك لا تحقق النمو السريع وبالتالي الربح المطلوب مشيرا الي أن كافة أسماك الاستزراع السمكي يتم اصطادها من النيل وتحصينها «وتبخ» وأثناء «بخ» الأسماك الصغيرة يتم وضع مسحوق التهجين في المياه لمدة 21 يوما ويضاف اليها هرمون ألماني ويتم الآن غش هذا الهرمون ولا يحدث النتيجة المرجوة من زيادة حجمها.
أما أحمد إبراهيم سعد فيقول: إن رقابة الدولة غائبة عن الاستزراع السمكي.. ومراقبة البحيرات الطبيعية، فالأرض التي أعمل بها تقع علي بحيرة البرلس مباشرة ولكن جميع التعديات والمخالفات تتم في وضح النهار وأمام أعين المسطحات وأجهزة الدولة دون أي مساءلة فالتعديات بالردم في البحيرة واقتطاع مساحات تضم في الأراضي مستمر حتي تقلصت البحيرة.
أما المخالفات الأخري يقوم بها الصيادون حيث يستخدمون أدوات صيد مخالفة ويصيدون بغزل ممنوع نزوله البحيرة الأسماك الصغيرة لبيعها لمصانع الأعلاف لتصنيعها كمسحوق يضاف للأعلاف، بالإضافة الي تعدي بعض الصيادين باقتطاع أجزاء في البحيرة وإنشاء سدود عليها حتي تم تقسيمها، ومن ثم صيد الأسماك في هذا الجزء الكبير والصغير الذي يموت حيث يلقي مرة أخري في المياه ويتسبب في عفونة مياه البحيرة والأدهي من ذلك أن السدد يتسبب في ارتفاع المياه في الجزء المحاط مما يتسبب في احمرار المياه التي تصيب كافة الأسماك في البحيرة.
وأضاف «إبراهيم» أن بعض الصيادين يستخدمون الدواجن والحيوانات النافقة في الصيد حيث تتجمع الأسماك علي الحيوان النافق وبعد فترة تكون كافة الأسماك تناولت من الحيوانات النافقة ويصيد كميات أسماك تقدر بـ200 كيلو هذه الأسماك تصيب بالأمراض حسب نوع الحيوان وإصابته لأن الصياد لن يشتري دواجن حية، وإنما يعثر علي النافق كطعم.
كما أن هناك بعض الصيادين يستخدمون الجنزارة وهي نوع من أنواع السموم خاص بمشتل الأرز حيث يقتل الديدان يلقيه في البحيرة أو الترع أو المنطقة التي سيصيد منها يتسبب هذا النوع من السموم في موت الأسماك وإصابة من يتناولها.
وأيضا الصيد بالكهرباء وهو شائع في الريف في مياه النيل والترع حيث يقوم الصياد بتوصيل سلك كهرباء من أقرب مكان ويضعه في المياه يقوم بكهربة جزء من المياه 5 أمتار * 5 أمتار تطفو الأسماك الموجودة في هذا المربع علي سطح الماء ويقوم الصياد بجمعها وبيعها.
أما الأقفاص السمكية الموجودة في النيل فمازالت الاتهامات متبادلة بين الأهالي وأصحاب الأقفاص السمكية بتسميم مياه الشرب نتيجة نفوق الأسماك بالأطنان وطفوها علي سطح المياه التي تسبب رائحة كريهة وتسمم من يتناول المياه. أما أصحاب الأقفاص فأكدوا أن أقفاصهم ليست سبب الأزمة فأصحاب المصانع المطلة علي النيل يقومون بصرف المواد الكيماوية والصرف الصناعي سنويا بعد غسيل مصانعهم في النيل، والمواد الكيماوية والصرف الصناعة هو الذي يدمر ويقتل الأسماك من أسوان الي فرعي رشيد ودمياط.
قال محروس محمد صاحب أقفاص سمكية إن الأسماك التي تقوم بتربيتها ليس لها تأثير علي مياه النيل أو الإنسان والدولة هي التي اقترحت تربية هذا النوع حيث إنه يعيش علي المياه ولا يتناول أي أعلاف أو أدوية.
وأشار «محمد» الي أن هذا النوع من الأسماك يطلق عليه «سيلفر» يفتح بيوت 35٪ من الأسر القاطنة علي النيل وأسعاره منخفضة حيث لا يزيد سعر الكيلو علي 5 جنيهات ويتم توزيع أغلب إنتاجه علي خط الصعيد ويسد هذا النوع من الأسماك عجز الأسماك في مصر.
وطالب «محروس» الحكومة بعدم إلقاء التهم علي الصيادين الغلابة فالأسماك لا تسبب أي أضرار ومعاقبة أصحاب المصانع من رجال الأعمال الذين يستسهلون إلقاء وصرف مخلفات مصانعهم في مياه النيل ومن ثم تدمير الثروة السمكية.
من ناحية أخري أكدت مصادر طبية أن استخدام أي هرمون بدون داع يؤدي الي التهابات في الكبد ويرفع نسبة الإنزيمات داخل الجسم وأن تأثير الهرمون علي الأطفال الصغار أخطر من تأثيره علي الكبار بالإضافة الي تسببه في تأخر الحمل لفترات طويلة وخلل في الهرمونات الأنثوية عند المرأة.
كارثة المستورد
وقد امتدت كارثة الأسماك الفاسدة لتطول الأسماك المستوردة، وعلي جانب آخر انتشرت في الآونة الأخيرة أسماك مستوردة غير صالحة للاستهلاك الآدمي.. من خلال دخول شحنات فاسدة الي مصر دون رقابة آخرها صفقة الديدان الصينية التي تم بيعها في الأسواق علي أنها جمبري جامبو وأكد البيطريون أنه غير صالح للاستهلاك وهو عبارة عن ديدان أشبه بدودة القز الكبيرة، بجانب أنواع غريبة وغير معروفة من الأسماك المحظور استهلاكها دوليا ولكن من يبيعها الي مصر ويلجأ اليها المستهلكون لأسعارها الرخيصة.
وكان نقيب البيطريين قد حمل الحكومة والجهات الأمنية مؤخرا مسئولية دخول الديدان الصينية لمصر، ورغم ذلك لم يتوقف استيراد الأسماك الفاسدة فقد ضبطت مباحث التموين الشهر الماضي بالفيوم شخصين وبحوزتهما 6 أطنان من الأسماك المجمدة المستوردة الفاسدة قبل بيعها للمواطنين وتحرر محضر بالواقعة برقم 3971 جنح مركز الفيوم.