الوطن
ماراثون الانتخابات بدأ.. والسؤال: حد فاهم
حاجة؟! بالنسبة للتحالفات التى ستنافس على مقاعد القائمة.. هل تعرف ما هى
التحالفات التى تشكلت على الساحة خلال الأشهر الماضية؟ مؤكد أنك تسمع كلمة
«مصر» كثيراً مصحوبة بـ«صحوة» و«فى حب» وخلافه، ولكن هل تعرف ما هى الأحزاب
التى انخرطت تحت كل عنوان من هذه العناوين الكبرى، وهل تعرف من وراءها،
ومن يمولها ويقف فى ظهرها؟ ظنى أن معلومات الكثيرين عن هذه التحالفات لا
تزيد عن علمهم بقواعد النحو بالنسبة لكارهى اللغة العربية، وجدول الضرب
بالنسبة لكارهى قواعد الحساب.
لم تزل هذه التحالفات معروفة بالأسماء الأبرز
التى تردد أنها ستكون ضمن قوائمها، فى مشهد يذكرنا بالمصريين أيام زمان،
عندما كانوا يعرفون المسارح بنجومها (الريحانى، على الكسار، وغيرهما).
والإعلام من جهته لا يلعب الدور المطلوب فى تقريب الأمر إلى أذهان
المواطنين، وعذره فى ذلك حالة اللهاث التى يعانى منها جرّاء «لعبة الكراسى
الموسيقية» التى تحكم تشكيل التحالفات، والأحرى أن نطلق عليها فى أحوال
«لعبة المصالح»!
الأخطر من السؤال المتعلق بعقدة وشنيطة
التحالفات، يرتبط بموضوع البرنامج الانتخابى لكل تحالف، نحن نسمع جعجعة
«تحالفات» دون أن يرافقها طحين «برامج»، قد تقول لى ذلك شأن الانتخابات فى
بلادنا فى كل زمان، فلا برامج ولا رؤى ولا يحزنون، لكننى أتصور أن هذه
المرة مختلفة وأن «يحزنون» الآن لها محل من الإعراب، لأننا لا بد أن نحزن
إذا كان ذلك هو حال الانتخابات البرلمانية بعد ثورتين قام بهما الشعب تحت
شعار «التغيير». قطار انتخابات «النواب» انطلق دون أن نسمع أو نقرأ أو
نتابع برامج منسوبة إلى هذه التحالفات تتحدث عن الكيفية التى ستعالج بها
المشكلات المزمنة التى يعانى منها هذا الشعب. والعجيب فى الأمر أن تغيب
البرامج عن فكر أحزاب وتحالفات. المرشح الفردى يمكن أن يخرج على الناخبين
بلا برنامج، ورغم أن هذا الأمر مرفوض هو الآخر فإنه وارد، ولكن أن تخرج
قوائم معبرة عن أحزاب وتحالفات دون أن تعتنى بتقديم برامج محددة للشارع
السياسى فذلك أمر غير طبيعى!
حالة اللخبطة والتعقيد المرتبطة بفلسفة «التظبيط»
فى بناء قوائم التحالفات الانتخابية، وغياب البرامج عنها، يعطى الكثير من
الخبثاء مبرراً لكى يعيدوا ويزيدوا فى كلام عن أن المال السياسى هو سيد
الموقف فى الانتخابات المقبلة التى سيغلب فيها الجنيه «الكارنيه»، أقصد
بالطبع كارنيه «البرنامج»، وهو أمر إذا حدث سيكون له تأثيرات شديدة السلبية
على المشهد السياسى فى مصر، فأصل الفساد فى هذا البلد ارتبط بصعود دور
المال السياسى فى تحديد نواب الشعب، لأن النائب الذى اعتاد على المال كأداة
للتعبير السياسى سيرتكن على جمع الأموال من شتى الطرق الممكنة لما
«يترستق» على كرسى البرلمان، لأن المسألة حينذاك لن تعدو «البزنسة
السياسية».
وأتصور أن الواقع الجديد الذى تعيشه مصر بعد يناير 2011 لن
يتقبل استمرار مثل هذه المعادلات، وربما تثبت الأيام المقبلة ذلك لهؤلاء
للغائبين ببرامجهم والحاضرين بمالهم!